يتميز المطبخ الفلسطيني بتوابله المميزة وأطباقه الفريدة ونكهاته المتعددة، ويعتبره الكثيرون بيت المطبخ الشامي الذي يشتهر بأطباقه المتنوعة، ويقوم أساس الأكل الفلسطيني على مقومات أساسية تتمثل باللحم والأرز والتوابل والألبان والبرغل والزعتر إضافة إلى الخضراوات والمكسرات التي تضاف إلى أغلب الأطباق، ومن أشهر أطباقه “المسخن، الأوزي، المقلوبة، المنسف”. لكن “المقلوبة” تعد الطبق الأشهر على الإطلاق الذي انتشر في بلاد الشام ومنها إلى دول عربية متعددة، مع إدخال بعض التعديلات والإضافات ليلائم كل منطقة وكل أسرة على حدة.

فما هي قصة “المقلوبة” ولماذا سميت بهذا الاسم؟

 روايات متعددة
عرفت “المقلوبة” في فلسطين منذ القدم، وكانت تسمى “الباذنجانية” بسبب استخدام الباذنجان فيها كمكون رئيسي. وتتعدد الروايات التاريخية حول تلك الأكلة ومكانتها لدى الفلسطينيين. لعل أكثرها ترددا أنه حينما فتح القائد صلاح الدين الأيوبي وجنوده القدس، دخلوا المدينة المقدسة فاحتفل الناس بهذا النصر، وقدموا لهم “الباذنجانية” التي أعجبته كثيراً، فسأل عن اسمها واصفا إياها بالطبخة المقلوبة، ذلك لأن هذه الطبخة تقلب في صواني التقديم أمام الضيف.

ويحكى أن هذا الطبق كان يسمى “الباذنجانية” لفترة طويلة، ومع تطور الأكلة وإدخال مكونات أخرى فيها بديلا عن الباذنجان سميت “المقلوبة” لأنه يتم وضع اللحم أو السمك أو الدجاج مع الخضار المشكل في قاع الوعاء الذي تطبخ فيه، ومن ثم تقلب هذه الخلطة عند تقديمها، بحيث يصبح وضع الأرز بالأسفل والخضار واللحم في الأعلى لذلك سميت “مقلوبة” لأن أي مكون يمكن “قلبه” بغض النظر إن كان باذنجانا أو غيره.

وتشير إحدى الروايات -كما جاء بصحيفة الشرق الأوسط- أن تلك الأكلة الفلسطينية اشتهر بها أهل الساحل على شواطئ البحر الأبيض المتوسط الذين كانوا يعتمدون في طعامهم على صيد السمك، وحينها كانت تسمى “الصيادية” ثم انتشرت بين المناطق الفلسطينية الجبلية منذ زمن بعيد وأخذوا يطبخونها باستخدام الدجاج واللحم بدلا من السمك، وكان لزاما أن يتغير اسمها بعد تغير المكون الرئيسي فيها “السمك” ولما كانت تلك الأكلة تحتاج على اختلاف مكوناتها أن “تقلب” في صواني التقديم -على غرار الأكلات التقليدية الأخرى- سميت “المقلوبة”.

وتتكون “المقلوبة” من الباذنجان الرومي والزهرة “القرنبيط” والبطاطس والدجاج أو اللحم والأرز والبصل وزيت الزيتون والقرفة وورق الغار والصنوبر والمكسرات والملح والفلفل وبهارات المقلوبة.

إضافات وتعديلات
انتشرت “المقلوبة” في دول العالم تباعاً، في البدء كانت في دول الشام ثم وصلت إلى العراق والسعودية ومصر، حتى أنها اليوم تعد واحدة من الأطباق الرئيسية في الأردن وسوريا ولبنان والعراق.

ويعتقد أن انتشار “المقلوبة” قد واكب هجرة الفلسطينيين ونزوحهم بعد حرب 1948، خصوصا في الأردن وسوريا ولبنان، إضافة إلى أغلب الدول التي وصلوا إليها، حيث تطورت هذه الأكلة وتم وضع الخضار والتوابل والبهارات، والبعض أضاف إليها البطاطا والجزر والفول الأخضر والقرع الأصفر والموجود من أنواع الخضار الأخرى، إضافة إلى الحبهان والتوابل الأخرى.

كما أن بعض الأسر تفضل صنعها بالدجاج، في حين أن البعض الآخر يتمسك باللحم كمكون أساسي فيها، ومنهم من يعتمد في صنعها على الأرز البسمتي بينما يفضلها آخرون بالأرز المصري.


وترتبط “المقلوبة” عادة بالولائم والأعراس والمناسبات العائلية المختلفة، لكنها أيضا تصنع في الأيام العادية بعيدا عن المناسبات، مع الاستغناء عن بعض الإضافات المكلفة مثل الصنوبر والمكسرات واستعمال الدجاج بديلا عن اللحم لتكلفته المادية الأقل، وكذلك التخلي عن زيت الزيتون في صنعها واستبداله بالزيت النباتي.

تشارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *