تشارك الولايات المتحدة في الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في قطاع غزة منذ السابع من اكتوبر من العام 2032. ولا يقتصر الأمر فقط على دعم الكيان الصهيوني، بل هو مشاركة فعلية ومقصودة تهدف إلى فرض التهجير القسري على الفلسطينيين سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية. بالإضافة إلى توفير كل الوسائل المتاحة للاستمرار في ارتكاب المجازر وجريمة الإبادة الجماعية.

عقلية الإرهاب : عامل مُشترك بين الطرفين:

لا يغيب عن التاريخ بأن الولايات المتحدة قامت على دماء الضحايا من السكان الأصليين لما تُسمى حالياً الولايات المتحدة الأمريكية، وكان ذلك حرفياً عن طريق جريمة الإبادة الجماعية في حقبة الاستعمار الأوروبي – الغربي. بالمثل، الكيان الصهيوني قائم على ذات العقلية الإرهابية، التي تهدف أيضاً إلى محو هوية الشعوب الأصلية مادياً ومعنوياً، وهو ما يُسمى  بالإبادة الثقافية أيضاً، والتي تنطوي على استمرار محاولات فرض التهجير القسري بوسائل مختلفة، لتفصل السكان الأصليين عن ارتابطهم بأرض وطنهم لصالح المُستعمرين.

بالإضافة إلى ذلك، مسألة مُهمة فيما يتصل بالعلاقة بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة والمصالح المشتركة، فإن الحديث يدور عن التخريب والتدمير والإبادة كما شهدنا ذلك في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين. مردّ ذلك يعود إلى الطبيعة الإمبيريالية والتوسعية منزوعة الأخلاق والإنسانية لكلا الطرفين. هذه الأيدولوجيا الصهيونية الاستعمارية تُشكل امتداد للتاريخ الدموي للولايات المتحدة والاستعمار الغربي في مناطق العالم، الذي ما تزال آثاره موجودة حتى يومنا هذا.

أوجه مُشاركة الولايات المتحدة في الإبادة الجماعية:

تتمثل أوجه المشاركة في الإبادة الجماعية على المستويين السياسي والعسكري، فعلىالمستوى السياسي قامت إدارة بايدن بمنع اتخاذ قرار ضد الكيان الصهيوني في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والتصريحات الرسمية، وتنبي الرواية الصهيونية وترويجها وإنكار الإبادة الجماعية. هذا بالإضافة إلى تحويل تبعات جرائم الاحتلال إلى وسائل للإبادة الجماعية، مثل استغلال موضوع المساعدات الإنسانية لفرض المجاعة على المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة، وتحويل موضوع المفاوضات إلى ديناميكية لإطالة أمد الإبادة والجرائم، بالإضافة إلى الممارسات القمعية والإرهابية التي ارتكتبتها السلطات الأمريكية  ضد المتضامنين مع فلسطين في الجامعات الأمريكية ومحاولة تجريمهم.

على المستوى العسكري قامت الولايات المتحدة بتسليم آلاف الذخائر للكيان الصهيوني، بما في ذلك 15,000 قنبلة، و57,000 قذيفة مدفعية، وذخائر أخرى مثل قنابل Mk82، Mk84، وGBU-39​ . يشمل هذا الدعم قنابل دقيقة التوجيه ومدفعية لمساعدة العمليات الدفاعية والهجومية. كما أن  إدارة بايدن طلبت تمويلاً إضافياً كبيراً من الكونغرس، يتضمن ذلك اقتراحاً بمقدار 14 مليار دولار كمساعدات عسكرية كجزء من حزمة أكبر تصل إلى 105 مليارات دولار التي تشمل أيضًا مساعدات لأوكرانيا وقضايا أمنية أخرى. ومن الضرورة بمكان الإشارة إلى أنّه ومنذ 7/10/2023 وحتى حزيران 2024 دعمت الولايات المتحدة الكيان الصهيوني بستة مليارات ونصف المليار، وهذا الرقم هو فقط الذي تم التصريح/ الكشف عنه.

مشاركة القوات الأمريكية على الأرض:

شهد صباح يوم السبت، 8 حزيران 2024، ارتكاب جيش الحتلال مجزرة مروعة في مخيم النصيرات وسط قطاع، حيث تعرض المخيم لقصف جوي ومدفعي مكثف استمر لأكثر من ساعتين. هذا الهجوم العنيف، الذي نفذته قوات الاحتلال الإسرائيلي، خلف وراءه دماراً هائلاً وخسائر بشرية فادحة. وفقاً للتقارير، تم توثيق استشهاد 274 شخصاً، بينهم 64 طفلاً و57 امرأة و37 مسناً، فضلاً عن إصابة 698 آخرين، من بينهم 153 طفلاً و161 امرأة و54 مسناً.

تشير الأدلة إلى أن الشاحنات التي حملت جنود القوات الخاصة في جيش الاحتلال الصهيوني انطلقت من منطقة الرصيف الأمريكي العائم قبالة ساحل بحر قطاع غزة، تحت غطاء نقل الإمدادات الإنسانية، قد تكون قد لعبت دوراً في هذا الهجوم، مع الحديث عن دور ميداني لفرقة دلتا الأمريكية العسكري. الهجوم الجوي الذي شهد أكثر من 250 غارة تضمن قصفاً مكثفاً بالصواريخ الثقيلة وغيرها من الأسلحة الأمريكية، في آن واحد، حيث تمّاستهداف 89 منزلاً ومبنى، بما في ذلك مراكز إيواء المهجرين، بالإضافة إلى تدمير سوق النصيرات المركزي. 

تظهر الأدلة والشهادات تورط الولايات المتحدة في الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية. يشمل هذا الدعم السياسي، حيث تعرقل الولايات المتحدة محاولات إدانة إسرائيل دوليًا، والعسكري من خلال تزويد إسرائيل بالأسلحة المتطورة، بالإضافة إلى تقارير عن مشاركة القوات الأمريكية الخاصة على الأرض. 

وتعكس هذه الأفعال السياسات الإمبريالية والتوسعية والجرائم ضد الإنسانية للولايات المتحدة والكيان الصهيوني، المستندة إلى الإرهاب والتهجير القسري. وفي هذا السياق، يجب على المجتمع الدولي محاسبة المتورطين في هذه الجرائم ووقف التواطؤ الأمريكي لتحقيق العدالة والحرية للشعب الفلسطيني.

بهاء غسان

تشارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *