تحقيق: الحرب النفسية للعدو وأكاذيبه حول اللقاحات في غزة

تُعَدّ الحرب النفسية إحدى الأدوات الأكثر خبثًا التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي في محاولاته لكسر إرادة الشعب الفلسطيني في غزة. لا تقتصر هذه الحرب على الجانب العسكري، بل تمتد إلى المجالات النفسية والاجتماعية والصحية، حيث يسعى الاحتلال لتقويض الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم، خاصة في أوقات الأزمات.

من بين أحدث أدوات هذه الحرب، انتشار أخبار كاذبة حول اللقاحات المضادة لفيروس شلل الأطفال، بزعم أنها غير فعّالة وتشكل خطرًا على صحة الأطفال في القطاع. هذه الادعاءات، التي تروّجها وسائل إعلام الاحتلال مثل صحيفة “إسرائيل هيوم”، تمثل تهديدًا خطيرًا للصحة العامة في غزة، ويجب التصدي لها بوضوح وحزم.

الحرب النفسية: سلاح الاحتلال الخفي

منذ عقود، يستخدم الاحتلال الإسرائيلي الحرب النفسية كجزء من استراتيجياته لإضعاف الروح المعنوية للفلسطينيين وتشتيت تماسكهم المجتمعي. هذه الحرب تعتمد على نشر الشائعات، وتضليل المعلومات، وإثارة القلق والخوف بين المواطنين. الهدف الأساسي هو زعزعة الثقة بين الناس وقيادتهم ومؤسساتهم، وإضعاف قدرتهم على الصمود والتكيف في مواجهة التحديات.

الأكاذيب حول اللقاحات: سلاح في المعركة النفسية

في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها قطاع غزة نتيجة العدوان والحصار المستمر، ظهرت مؤخراً حملة إعلامية مشبوهة تزعم أن اللقاحات المضادة لفيروس شلل الأطفال، التي وصلت إلى غزة، غير فعّالة وستتسبب بأضرار للأطفال. هذه الأكاذيب، التي تُروجها بعض المنصات الإعلامية المشبوهة، تهدف إلى إثارة الذعر بين الأهالي ودفعهم للامتناع عن تطعيم أطفالهم، مما يزيد من خطر تفشي المرض وانتشاره.

دحض الادعاءات الكاذبة

1. الاعتماد الدولي للقاحات:

   – اللقاحات المضادة لفيروس شلل الأطفال التي تُستخدم في قطاع غزة معتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية (WHO)، وهي تخضع لمعايير صارمة وضوابط دقيقة لضمان سلامتها وفعاليتها. على مر السنين، أثبتت هذه اللقاحات قدرتها على حماية الأطفال من شلل الأطفال، وهو مرض كان قد اختفى تقريباً من العالم بفضل حملات التطعيم الناجحة.

2. فعالية اللقاحات في غزة والعالم:

   – حملات التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة تُعتبر جزءًا من جهود دولية لمكافحة المرض. اللقاحات التي تُستخدم في القطاع هي نفس اللقاحات التي تُستخدم في جميع أنحاء العالم، وقد أسهمت هذه اللقاحات في القضاء على المرض في العديد من الدول. إن أي زعم بأن هذه اللقاحات غير فعّالة هو ادعاء باطل لا يستند إلى أي دليل علمي.

3. التصدي للحرب النفسية:

   – من المهم أن يدرك سكان غزة أن نشر مثل هذه الأكاذيب هو جزء من استراتيجية الاحتلال لإضعاف صمودهم. يجب التصدي لهذه الحرب النفسية عبر تعزيز الوعي الصحي بين المواطنين والتأكيد على أهمية التطعيمات لحماية أطفالهم من الأمراض.

1. **تعزيز التوعية المجتمعية:**

   – تنظيم حملات توعية بالتعاون مع الجهات الصحية والمنظمات الدولية، لتوضيح أهمية اللقاحات ودحض الشائعات حولها. ينبغي استخدام وسائل الإعلام المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر رسائل دقيقة وواضحة حول سلامة اللقاحات.

2. **الرد الفوري على الأكاذيب:**

   – على المؤسسات الصحية في غزة أن تكون سريعة في الرد على أي شائعات أو أكاذيب حول الصحة العامة. يجب أن يتم توفير المعلومات الصحيحة بشكل فوري وواسع لضمان عدم تأثر الأهالي بهذه الأكاذيب.

3. **تعزيز التنسيق مع المنظمات الدولية:**

   – ينبغي تعزيز التعاون مع منظمة الصحة العالمية واليونيسف لضمان دعم جهود التطعيم في غزة، وتوفير الإمدادات الصحية اللازمة، بالإضافة إلى نشر تقارير دورية تؤكد سلامة وفعالية اللقاحات.

**الخاتمة:**

في مواجهة هذه الحرب النفسية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي، يجب على الشعب الفلسطيني في غزة أن يبقى متماسكًا ويعتمد على الحقائق العلمية والمعلومات الدقيقة. إن الأكاذيب التي يُروج لها الاحتلال حول اللقاحات ليست سوى محاولة أخرى لضرب الروح المعنوية، ويجب مواجهتها بالحقيقة والتوعية لحماية أطفالنا وضمان مستقبل صحي وآمن لهم.

في ضوء هذه الحملة الدعائية المضللة، دعت المؤسسات الصحية في قطاع غزة إلى تعزيز التوعية المجتمعية حول أهمية اللقاحات وسلامتها. أكدت هذه المؤسسات ضرورة تنظيم حملات توعية بالتعاون مع المنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية واليونيسف، لتقديم معلومات دقيقة وفورية للأهالي حول فعالية اللقاحات. كما شددت على أهمية التصدي السريع لأي شائعات أو أخبار كاذبة يتم تداولها، بهدف حماية الأطفال من مخاطر الأمراض. إلى جانب ذلك، أشارت إلى ضرورة تعزيز التنسيق مع الجهات الدولية لضمان استمرار دعم جهود التطعيم وتوفير الإمدادات الصحية اللازمة للقطاع.

يجب على المجتمع الفلسطيني في غزة الوقوف بقوة ضد هذه الأكاذيب، وضمان تطعيم جميع الأطفال لحمايتهم من خطر الشلل الدائم. الصحة العامة في غزة مسؤولية جماعية، ولا يجب السماح للأخبار الكاذبة بأن تهدد سلامة الأطفال ومستقبلهم.

نقلاً عن: بوابة الهدف الإخبارية – فلسطين المحتلة

تشارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *