قال البعض إن إيطاليا لم تكن مستعدة للتظاهر بعد عام من 7 أكتوبر. لكن، بدلاً من ذلك، خرج أكثر من 15 ألف شخص، من روما ومن جميع أنحاء إيطاليا، ليشلوا العاصمة دعمًا لفلسطين.
في 5 أكتوبر، بينما خرجت الحركة التضامنية مع الشعب الفلسطيني في مختلف أنحاء الغرب إلى الشوارع، كانت إيطاليا الدولة الوحيدة التي لم تسمح بحدوث ذلك. مئات التظاهرات أقيمت لدعم حرية الشعوب المتضررة من قبضة العنف الصهيونية. من لندن، نيويورك، تورونتو، باريس، برشلونة، مدريد، برلين، أمستردام، بروكسل وغيرها الكثير. كانت إيطاليا الدولة الوحيدة في أوروبا التي منعت التظاهرة بعد عام من بدء الإبادة الجماعية. حاولت السلطات الإيطالية بكل وسيلة منع نجاح هذا التجمع. منذ أن حُظرت التظاهرة، كان واضحًا نية الحكومة، التي عبرت عنها شرطة روما، وكان الهدف هو قمع حركة متنامية قادرة على إزعاج مصالح النخب الحاكمة المتحالفة والمتواطئة تمامًا مع الصهيونية.
خلال العام الماضي، لم يكن ما طرحناه، كواقع فلسطيني، بالاشتراك مع حركة التضامن، مجرد مطالبة غامضة بـ”إيقاف الإبادة الجماعية”. مطالبنا تستهدف جذور القضية: المشكلة لا تتعلق فقط بنتنياهو، بل إن النظام الاستعماري ككل هو المتهم، ولوقف هذا النظام يجب تعطيل آلته الحربية، بدءًا من تصميم الأسلحة وحتى تسويقها.
لهذا السبب نزلنا يوم السبت إلى الميدان من أجل فلسطين ولبنان، وأيضًا ضد مشروع قانون DDL 1660، الأداة القمعية الحقيرة التي تهدف إلى تجريم المعارضة والنضال، وليس فقط النضال من أجل القضية الفلسطينية. وبسبب أن هذا النضال تم تبنيه وتغذيته من قبل آلاف الرفاق في جميع أنحاء إيطاليا، تسعى السلطات إلى سحقه بكل وسيلة ممكنة. الخطر الأكبر بالنسبة لهذه الحكومة هو مواجهة جبهة موحدة تسعى إلى تحقيق أهداف واضحة.
حاولت شرطة روما بكل قوتها فرض الحظر. و تم نشر قوات شرطة باعداد غير مسبوقة لمنع الآلاف من الأشخاص القادمين من خارج روما عند مداخل الطرق السريعة ومحطات القطار والحافلات. وقد تلقى العشرات من الرفاق أوامر بالعودة، بينما تم احتجاز آخرين حتى المساء. كان اليوم مليئًا بعمليات التفتيش التعسفية والتهديدات. على الرغم من ذلك، وعلى الرغم من أجواء الخوف التي صنعتها وسائل الإعلام عمدًا، كان واضحًا منذ الصباح أن القمع الوقائي لن يوقفنا. كنا كثيرين، ومصممين للغاية على أن نكون في هذا الميدان، وكنا سنصل إليه حتى لو اضطررنا إلى شل روما.
يعتبر البعض أن “التنازل” عن ساحة “الهرم” كان بمثابة انفتاح “ديمقراطي” من الحكومة. و نرد على هؤلاء بأننا لم نحصل على هذا المكان من باب اللطف، بل بفضل إظهار القوة والحزم. وإرادة آلاف الأشخاص المصممين والمتحدين قد حصلوا على ميدان ظل مغلقًا من جميع الجوانب لساعات. كانت قوات الأمن متمركزة بالفعل، مجهزة بما يسمى “الوسائل الخاصة”، مستعدة لقمع التظاهرة بكل الوسائل.
في ظل هذا السيناريو، بين أولئك الذين وجدوا أنفسهم محبوسين في قفص، كانت هناك ردود فعل. نرفض رفضًا قاطعًا التحليل الذي يلقي باللوم على “المتسللين”: العنف هو احتجاز أكثر من 15 ألف شخص في مساحة محددة، وممارسة الاعتقالات الوقائية ضدهم، وأخيرًا، استخدام خراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع ضد هذا الحشد. نرفض رفضًا قاطعًا كل محاولة لتقسيم حركة التضامن، وكذلك الحركة الفلسطينية، بين “جيد” و”سيء”. العنف هو عنف النظام الاستعماري الذي يهيمن على العالم العربي، والذي قتل أكثر من 50 ألف شخص خلال العام الماضي. إنه عنف التدمير والابادة.
حكومة ميلوني، وحليفتها الصهيونية، وصحافة إيطاليا التي تتماهى بشكل متزايد مع دعاية الحرب، هم المذنبون الوحيدون. كل من يحاول تحويل الانتباه عن المشكلة وإبعادنا عن الواقع وعن أهدافنا يقدم خدمة لأعدائنا ويقوض وحدة الحركة، التي لا يمكن أن تستجيب بشكل فعال ضد الحرب وضد القمع المتزايد إلا من خلال جمع أفكار وممارسات مختلفة.
وللخطاب الاحمق الذي يوجه اصابع الاتهام، نرد بشكل واضح: هذا النظام الاستعماري نحاربه هنا في إيطاليا منذ ما قبل 7 أكتوبر 2023. ولقد كانت ليلة 4 و5 أكتوبر ليلة جحيم على لبنان وفلسطين: قصف مكثف ضرب بيروت، بعلبك، وجنوب لبنان، مما أسفر عن قتلى وجرحى وعدد كبير من النازحين، كل ذلك وسط صمت إعلامي وتواطؤ من حكوماتنا. يوجد حاليًا حوالي 1.4 مليون نازح في لبنان. في الوقت نفسه، في 3 أكتوبر، تم قصف مخيم اللاجئين في طولكرم بفلسطين.
في غزة، تبدأ مرة أخرى غزو بري على شمال القطاع، مع أوامر الإخلاء والقصف على مخيم جباليا للاجئين. و نحن نشاهد مرة أخرى الأهالي يفرون تحت القصف دون وجهة محددة.
كان يوم السبت انتصارًا يجب أن نتعلم منه. أرادت الحكومة إنشاء سابقة للقمع السياسي، وقد أنشأنا نحن سابقة للوحدة السياسية ضد الحرب الإمبريالية وضد الحكومة: سنواصل النضال ضد – وبالرغم من – كل أشكال القمع، حتى يتوقف التواطؤ الإيطالي في الإبادة الجماعية وحتى التحرر من الصهيونية.
دائمًا مع المقاومة.
الشباب الفلسطينيون في إيطاليا – GPI
الاتحاد الديمقراطي العربي الفلسطيني – UDAP

تشارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *