تواجه شبكة CNN والمراسلة البارزة كلاريسا وارد انتقادات واسعة بسبب تقارير اعتبرت مضللة في مناطق نزاع متعددة، من سوريا إلى غزة. تصاعد الجدل بعد كشف معلومات تتعلق بتقريرها حول سجين سوري في دمشق، إضافة إلى اتهامات بفبركة مشاهد في غزة، مما أثار تساؤلات حول حيادية ومصداقية التغطية الإعلامية. ويتناول هذا التقرير الموجز عددًا من الأمثلة ذات الصلة والتي تتضمن أدلة تضع مصداقية وموضوعية شبكة CNN على المحك.

1. قضية السجين السوري: في 12 ديسمبر 2024، بثت CNN تقريرًا مصورًا يظهر مراسلتها كلاريسا وارد توثق لحظة العثور على شخص يُدعى “عادل غربال” في سجن سري بدمشق. زعمت الشبكة أن السجين كان محتجزًا دون علمه بسقوط نظام الأسد. لاحقًا، كشفت تحقيقات أن “عادل غربال” هو في الحقيقة “سلامة محمد سلامة”، مساعد أول في المخابرات الجوية السورية، المعروف بارتكابه انتهاكات ضد المدنيين في حمص. هذا الكشف دفع منصات مثل “تأكد” ووسائل إعلام أخرى، لنشر تحقيقات تفيد بأن التقرير يساهم في تبييض صورة شخصية متورطة في جرائم حرب. بدورها، أقرت CNN بأنها قد تكون خُدعت، ما زاد الشكوك حول معايير التحقق التي تتبعها الشبكة.

2. تقارير كلاريسا وارد في غزة: في أكتوبر 2023، انتشر مقطع فيديو يظهر وارد وفريقها يختبئون من صواريخ في منطقة حدودية مع غزة. أثار الفيديو اتهامات بفبركة المشهد بعد تداول نسخة مضافة لتعليق صوتي يبدو وكأنه يوجه الفريق لإظهار الذعر. لاحقًا، تبين أن التعليق الصوتي غير حقيقي، لكن الضرر كان قد وقع بالفعل على مصداقية وارد. وفي ديسمبر 2023، دخل فريق CNN بقيادة وارد إلى غزة ضمن قافلة أمنية إماراتية دون تنسيق مع السلطات المحلية. هذا التصرف أثار انتقادات من منتدى الإعلاميين الفلسطينيين الذي وصف الأمر بانتهاك لأخلاقيات العمل الصحفي ومحاولة لنشر روايات غير دقيقة عن الواقع في غزة.

3. ردود فعل واسعة: واجهت وارد انتقادات متكررة من ناشطين وصحفيين محليين، من بينهم الشابة المصرية رحمة زين، التي انتشر فيديو لها تنتقد فيه تغطية وارد للحرب على غزة وتتهمها بالتحيز. وفي هذا السياق من الضرورة بمكان الإشارة إلى بتبني أجندات تخدم مصالح معينة، مثل التركيز على الرواية الإسرائيلية من جهة، وعدم الالتزام بأخلاقيات مهنة الصحافة من جهة أخرى، والتي من المُفترض أن تُظهر الحقائق كما هي.

4. تداعيات وضرورة التحقيق: هذه الحوادث تسلط الضوء على أهمية التدقيق في معايير التحقق التي تعتمدها المؤسسات الإعلامية الكبرى، لا سيما في تغطية قضايا حساسة كالنزاعات المسلحة. كما تدعو إلى مساءلة الصحفيين والمؤسسات الإعلامية عن الأخطاء التي قد تسهم في نشر روايات مضللة. تتزايد ضرورة وجود مثل هكذا تحقيق في ظل ما يواجه الصحفيون الفلسطينيون من اعتداءات وعمليات اغتيال جماعي لمنع نقل الحقيقة للعالم، في الوقت الذي يتم فيه تقديم كافة التسهيلات الممكننة لمؤسسات إعلامية كبيرة مُنحازة لرواية الاحتلال.

في سياق تغطية الأزمات والصراعات العالمية، يبقى الإعلام مسؤولًا عن تقديم صورة دقيقة وموضوعية. مثل هذه الحوادث تؤكد ضرورة تعزيز الشفافية والاعتماد على مصادر موثوقة في تغطية الأخبار، لضمان حفظ مصداقية الإعلام ودوره الأساسي في نقل الحقيقة. و عندما تخفق مؤسسات إعلامية كبرى مثل CNN في التحقق من المعلومات أو تُتهم بالانحياز، فإنها لا تقوض ثقة الجمهور فقط، بل تُضعف أيضًا قدرة الإعلام على تسليط الضوء على معاناة الضحايا والمهمشين في النزاعات والصراعات.

لذلك، فإن تعزيز الالتزام بمعايير المهنية الصحفية والحيادية يُعد ضرورة مُلحة لضمان تقديم صورة دقيقة وموضوعية للأحداث. وفي ظل السياقات الحالية، تصبح مساءلة المؤسسات الإعلامية والصحفيين واجبًا أخلاقيًا ومهنيًا لضمان أن يظل الإعلام أداة لنقل الحقيقة وليس وسيلة لنشر الروايات المضللة أو منح الشرعية للجهات المتورطة في الانتهاكات. لا سيّما وأنّ الانتهاكات في غزة وباعتراف مُنظمات دولية حكومية وغير حكومية وصلت إلى حد الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.

تشارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *