حوالي الساعة الثانية من صباح يوم الأحد 9 شباط/فبراير، اندلع حريق في البلدة القديمة في القدس، لأسباب غير معروفة حتى الآن، وقد أدى الحريق لارتقاء المناضل موسى قوس. كما أفادت التقارير أن قوات الإطفاء واجهت صعوبة في الوصول إلى الموقع، حيث اعترضتها قوات الاحتلال أثناء محاولتها الوصول إليه عبر باب الناظر، أقرب نقطة دخول داخل المسجد الأقصى. ولا يزال العمل على الكشف عن مزيد من التفاصيل حول سبب الحريق.
ولد موسى قوس في البلدة القديمة بالقدس لأب من تشاد هاجر إليها عام 1942، وأم فلسطينية من أريحا.
يتمتع الفلسطينيون من أبناء الجالية الأفريقية بتاريخ طويل في البلاد. في عهد الدولة العثمانية، كان الأفارقة هم الحراس المسؤولون عن المسجد الأقصى. كما قاتلت الجالية الأفريقية الفلسطينية مع العرب خلال حرب عام 1948 – بمن في ذلك والد موسى – للدفاع عن الأقصى والقدس.
في عام 1951، بدأ النادي السوداني الخيري كمجموعة للمهاجرين الأفارقة المقيمين في البلدة القديمة. لكن النادي أُغلق عندما واصلت قوات الاحتلال الصهيوني احتلالها للأراضي الفلسطينية، وارتكبت المجازر ضد الفلسطينيين والعرب، خلال “النكسة” عام 1967. والتي أسفرت عن احتلال شبه جزيرة سيناء من مصر، ومرتفعات الجولان من سوريا، والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
وفي عام 1976، أعاد موسى تأسيسه تحت اسم نادي الشباب الأفريقي. بعد تشكيل نادي الشباب الأفريقي، كان الفلسطيني الأفريقي موسى قوس المدير التنفيذي لجمعية الجالية الأفريقية (ACS) في البلدة القديمة بالقدس الشرقية المحتلة. عمل خلال حياته المهنية كاتبًا وصحفيًا ومترجمًا. كما كان ناشطاً ضد الاحتلال بأشكال عديدة.

جمعية الجالية الإفريقية هي جمعية فلسطينية غير ربحية وغير حزبية، قام بتأسيسها الأفارقة المقدسيون عام 1983، امتدادا للنادي السوداني الخيري الذي كان ناشطا في الفترة الواقعة ما بين عام 1965 ولغاية وقوع مدينة القدس تحت الاحتلال الصهيوني عام 1967. وهو أيضًا إحياء لنادي الشباب الإفريقي الذي أسسه أبناء الأفارقة المقدسيون عام 1978 لكنه اضطر لإغلاق أبوابه في منتصف الثمانينات بسبب الصعوبات المالية.
وقد رفضت الجمعية وترفض أي تبرعات مشروطة بالتخلي عن النضال الفلسطيني ضد الاحتلال. ويهدف برنامجها إلى نقل التراث الغني للمجتمع الأفريقي الفلسطيني، وبشكل أعم، إلى نقل المفاتيح التي ستمكن الأجيال الشابة من مواجهة الاستعمار والقمع اليومي.
“كانت الحياة صعبة. لكن تعليمي “القومي والوطني”، الذي كنت اكتسبته خلال السنوات التي أمضيتها في جامعة بيت لحم، أقنعني بتأجيل أي طموحات شخصية والانخراط في الانتفاضة التي شكلت ردة فعل على الإحباطات وخيبة الأمل الشعبية المعبأة منذ فترة طويلة والمطالبة بالحرية والاستقلال.”
انضم موسى إلى اللجنة الشعبية للمقاومة، “الهيئة الشبابية الشعبية للانتفاضة (الانتفاضة الأولى)”. وفي أوائل عام 1988، اعتقلته قوات الاحتلال الصهيوني وقضى ثمانية أشهر في السجن.
وفي عام 1991، اعتقل موسى مرة أخرى وحكم عليه هذه المرة بالسجن 5 سنوات. وشاهد توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993 أثناء وجوده في السجن، التي عارضها ورفض تأييدها. ثم أطلق سراح موسى عام 1996 وبدأ عملاً جديداً، وتزوج وأنجب طفلين، وحصل على درجة الماجستير في الدراسات الدولية من جامعة بيرزيت.
وبعد خيبة الأمل التي خلفتها أوسلو، قرر موسى تركيز وقته على “إشراك شباب القدس المهمشين لمساعدتهم على خلق مستقبل نأمل أن يكون أفضل من حاضرنا”. تنظم جمعية الجالية الأفريقية فعاليات ثقافية وفنية ورياضية ومخيمات صيفية وغيرها من الفعاليات لتوفير الفرص للشباب وكذلك لتمكين المرأة. لقد أصبح مركز جمعية الجالية الأفريقية أحد أهم الأماكن التي يجتمع فيها الناس ويلعب فيها الأطفال ويتعلمون.
وبعد مداهمة عنيفة على منزل عائلة قوس ومصادرة أجهزتها، اعتقلت ابنة موسى، شادن قوس (22 عاماً) وأبقوها تحت الاعتقال الإداري منذ 6 يناير/كانون الثاني 2025 دون محاكمة أو تهمة. واتهمتها قوات الاحتلال بـ”التحريض” من خلال منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، المستخدمة أيضا للقمع. تم إطلاق سراح شادن بكفالة يوم الأحد 9 شباط/فبراير، بعد أن أمضى محاميها ساعات في العمل على تحقيق ذلك، وستتم محاكمتها قريبًا. وعندما خرجت، كان الوقت قد فات لكي تحضر جنازة والدها.
شادن هي أيضًا فنانة وناشطة، وكانت دائمًا نشطة مع جمعية الجالية الأفريقية. وهي طالبة قانون في جامعة بيرزيت، وبحسب ما ورد كان باقي لديها أسبوعين للتخرج قبل أن اعتقلها الاحتلال، وتخطط للعمل للدفاع عن الأسرى بعد ذلك. كما تحدثت في مقابلات تلفزيونية عن تصاعد حملة القمع على القدس بعد 7 أكتوبر 2023 على كل الأصوات الحرة التي تكشف جرائم الاحتلال. تم نقل شادن بين عدة سجون، وتم تمديد اعتقالها الإداري 4 مرات، دون تهمة أو محاكمة.
بعدما أفنى عمره مدافعاً عن القدس وأهلها، حارساً للبلدة القديمة، ومناضلاً لم يعرف الخضوع في مواجهة الاحتلال وسياساته القمعية، رحل موسى وقد شكل رحيله خسارة كبيرة لعائلة قوس وأبناء الجالية الأفريقية في القدس وهي خسارة للنضال الفلسطيني. لقد قام بعمل مهم جدًا للشباب على وجه الخصوص، حيث قام بتعليمهم وتمكينهم. إن الإرث الثوري الذي يتركه وراءه سيستمر في إلهام الأجيال القادمة التي تواجه الاحتلال.
“حيُّنا هو جدار المقاومة، وبيوتنا هدف للمداهمات واعتقال الشباب والأطفال. وهذه المواجهة ستستمر ما دام هناك احتلال.”
– موسى قوس.

معظم المعلومات مأخوذة من الصفحة Visualart4Palestine وموقع جميعة الجالية الأفريقية في القدس.