في الثامن من مارس من كل عام، يقف العالم أجمع تخليداً للعيد الأممي للمرأة، بمختلف فئاته وأطيافه، وكلٌ يعطي هذا اليوم فهماً حسب هواه وانتمائه الطبقي، وليس من باب المبالغة أو المزايدة إن نحن قلنا أن جل من يخلدون هذا اليوم ينقصون من قيمته بشكل أو بآخر.

هذا اليوم الذي ناضل الشيوعيون والشيوعيات من أجله نضالاً ضروساً، وخاضت الطبقة العاملة أشكالاً راقية في سبيله قابلتها البرجوازية بالقمع وإراقة الدم. إن النساء لا ينتظرن من المجتمع في هذا اليوم الورود أو الكلام المعسول، بقدر ما تنتظرن الإعتراف بهن كجزء لا يتجزء من المجتمع، وأن يُنظر إليهن ككيان قادر على التفكير والعمل من أجل تغيير الواقع، لا أن يُنظر إليهن كجسد لتفريغ الشهوات والنزوات.

فاليوم ليس للنساء وفقط لكن  لا ضير في أن نأتي بالذكر على أحد أبرز النساء الأمميات اللائي بصمن بحرياتهن ودمهن، على المرأة التي كانت أول من اقترح فكرة تخليد هذا اليوم، إلى الرفيقة كلارا زتكين، ومنها إلى الرفيقة روزا لوكسمبورغ إلى ناديا كروبسكايا و ألكساندرا كولونتاي ومنهمن إلى كل نساء العالم، إلى نساء الشعب الفلسطيني اللائي يرضعن من أثدائهن أبناءَهن حليب الثورة والعصيان ومنهن إلى نساء الشعب المغربي إلى المناضلات اللائي تمردن على كل طقوس العادات والقبيلة، إلى الشهيدة سعيدة المنبهي  المرأة والمناضلة الماركسية اللينينية ذات 25  ربيعا التي أعطتتا دروسا في نكران الذات، وتحدت برودة السجن وجبروت السجان لتعلن ميلادها الجديد في كانون الأول 1977، دون أن ننسى زهرة الثلج نجية أداية رمز المرأة المعطلة والرافضة لسياسة التشغيل ، منهن إلى رمز الطالبة المغربية زبيدة خليفة التي روت بدمائها الزكية قلعة الشرف ظهر المهراز ذات يوم من كانون الثاني 1988، إلى الأم التي تأبى الخنوع إلى الأرحام التي لا تنضب إلى أمهاتنا أمهات المعتقلين السياسيين، والنساء المكافحات أمهات الشهداء، إليكن نقف اليوم والأمس وسنقف غذا اعترافا بتضحياتكن ووقوفكن إلى جانب فلذات أكبادكن.

يَحُلُّ اليوم وتستمر معه الزيادات الصاروخية في الأسعار، وتسوء معه أكثر وضعية النساء العاملات بالضيعات والمعامل حيث أجورهن بالكاد تُبقيهن ليعملن غذا، يَحُلُّ اليوم والمآسي عنوانا لحياة شعبنا، والبطش خاصية ثابثة لنظام العمالة، والمقاومة رمز لشعب معطاء، يَحُلُّ اليوم ومعه يستمر اغتصاب القيم التي قيل عنها أنها قيم نبيلة “العدالة، الديمقراطية، المساواة …”، يحل اليوم ومربيات الأجيال تنهال عليهن هراوات نظام الوحشية في الساحات العامة، يأتي اليوم والمخافر ترتدي الوزرة البيضاء حيث صارت موطنا جَبريا لهن، يأتي اليوم والنساء المناضلات تقاومن تكبيل وعيهن لأجل الغذ الآتي بحتمية الضرورة التاريخية.

   هذا ويظل الثامن من آذار  يوم تؤكد فيه الطبقة العاملة على وحدتها، تؤكد فيه نساء العالم خاصة العاملات منهن أن الرجل هو رفيق دربهن في النضال وأن الصراع هو ضد البرجوازية وأفكارها البائدة،وأن قضية المرأة لا يمكن فصلها بأي شكل من الأشكال عن تحرر المجتمع، والقضاء على الملكية الخاصة بقيادة حزب الطبقة العاملة الشيئ الذي يستوجب مساهمة النساء الفعالة وفق المبادئ البروليتارية، لا عن طريق البهرجة والفولكلور المراد منهما تكبيل وعي المرأة ولجم تفكيرها وحجب العدو الحقيقي عنها، لتبقى مجرد أداة طيعة في يد البرجوازية.

وأخيراً كل التحايا لنساء العالم قاطبة في عيدهن الأممي، إلى أمهات الشهداء والمعتقلين السياسيين، إلى عموم كادحات هذا العالم، وعلى لسان الرفيق كارل ماركس نقول: “اضطهاد المرأة لم ينبع من أفكار وعقول الرجال، ولكن من تطور الملكية الخاصة وما تبعها من ظهور مجتمع قائم على الطبقات والإستغلال”.

    غادة: مُناضلة النهج الديمقراطي القاعدي، جامعة فاس – المغرب.

تشارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *