في وجه القيد… تُولد الحرية
يا أبناء شعبنا العظيم في كل أماكن تواجده،
يا أحرار العالم وأصحاب الضمائر الحيّة،

في السابع عشر من نيسان/أبريل من كل عام يُحيي الشعب الفلسطيني ومعه أحرار العالم يوم الأسير الفلسطيني، الذي نجدد فيه العهد مع من دفعوا أثماناً باهظة دفاعاً عن الكرامة والحرية، ومن قَدمّوا زهرة أعمارهم خلف القضبان، حاملين الوطن في قلوبهم، متمسّكين بالحق، رغم القيد والجدران.

يأتي هذا اليوم تخليداً لقرار اعتبار قضية الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني قضية وطنية مركزية، لا تنفصل عن نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال. وهو يومٌ لتسليط الضوء على معاناة آلاف الأسيرات والأسرى، الأطفال والمرضى، والشهداء الذين ارتقوا داخل السجون، كما هو نداء مفتوح للضمير الإنساني العالمي أن يتحرك، وأن يسمع، وأن يكسر حاجز الصمت من أجل الشعب الفلسطيني الذي يواجه حرب الإبادة والتطهير العرقي في غزة والضفة، ويتعرض الأسرى فيه لجرائم حرب.

إن يوم الأسير الفلسطيني هو تذكير دائم للعالم أن هناك خلف الأسلاك الشائكة أرواحاً تقاتل بالصبر والصمود، وتنتصر بالثبات، وتكتب التاريخ بدمها، رغم محاولات العزل والتغييب. وفي هذا اليوم نجدد صرختنا “أن الحرية حق لا يُؤجَّل، وأن من ضحّى من أجل فلسطين لن يُنسى، وأن الأسرى لا يجب أن يتركوا لوحدهم. فهناك أكثر من 9500 أسيرة وأسير يقبعون اليوم في سجون الاحتلال، بينهم 21 أسيرة و350 طفلاً، من بينهم أكثر من 120 طفلاً يخضعون للاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة. يُمارس الاحتلال ضدهم سياسات البطش، والتجويع، والتعذيب، والإهمال الطبي، وحرمان الزيارات، في ظل صمت دولي مُريب وتواطؤ واضح مع سياسة الإبادة الممنهجة التي تطال شعبنا وأسراه. ومن بين هؤلاء الأسرى، هناك من خاض تجربة الأسر منذ عام 1967، وهناك من استشهد داخل السجن واستمر الاحتلال في احتجازه حتى بعد استشهاده. وقد خاض أكثر من مليون فلسطيني تجربة الاعتقال على مدار سنوات الاحتلال، ما يعكس حجم الاستهداف الجماعي والمتواصل.

ويقبع 3405 معتقلاً إدارياً خلف القضبان، في أكبر عدد تشهده السجون منذ الانتفاضات، بينهم أطفال ونساء ومرضى، في ظل تصاعد أوامر التجديد ومنع المحامين من الوصول إليهم، وتجميد جلسات الاستئناف. كما أن هناك 14 أماً فلسطينية تُحرم من أطفالها، ويُحاصَرن بالعزل والاقتحامات، ويُمنعن من العلاج، والاتصال بعائلاتهن. وتُمارَس ضدهن سياسة تنكيل مزدوجة، تترك آثارها الجسدية والنفسية على مدار سنوات الاعتقال.

وأكثر من 350 طفلًا يواجهون أبشع صنوف التنكيل، من الاعتقال الليلي العنيف، إلى التحقيق تحت الضغط، إلى التعذيب الجسدي والنفسي، وصولاً إلى التجويع والإهمال. وقد استشهد مؤخراً أول شهيد طفل في سجون الاحتلال بعد الإبادة، الشهيد وليد أحمد (17 عاماً) من بلدة سلواد، في مشهد يلخص وحشية هذا الاحتلال.

كما استشهد62 من الأسرى في الفترة الأخيرة، ارتقوا نتيجة التعذيب والإهمال الطبي والحرمان. ومنهم من لا تزال جثامينهم محتجزة، تُساوِم بها دولة الاحتلال كوسيلة للابتزاز. وعلى رأسهم جثمان القائد والمفكر الأديب القيادي في الجبهة الشعبية الشهيد وليد دقة ” أبو ميلاد”. كما يوجد 24 أسيراً في “عيادة” سجن الرملة، في ظروف أقل من أن توصف بالكارثية، بلا علاج، بلا فحوصات، وبلا رعاية. المرضى يتركون لمصير الموت البطيء.

يا أحرار العالم…

أمام هذه الوقائع المرعبة، أمام الأرقام التي تنزف، والصرخات التي تُخنق في الزنازين، أمام الأمهات الممنوعات من حضن أطفالهن، والأطفال الذين يُزجّ بهم في زنازين العتمة بدل مقاعد الدراسة، أمام الشهداء الذين يرتقون في السجون، والمرضى الذين يُتركون فريسة للموت البطيء… أمام معاناة أسرى غزة المكلومة ندعوكم جميعاً اليوم، بكل ما تبقّى من إنسانية وعدالة في هذا العالم، إلى ما يلي:

1- إن تدويل قضية الأسرى الفلسطينيين بات ضرورة وطنية وإنسانية، وعلى أحرار العالم أن يرفعوا صوتهم في كافة المحافل الدولية لكشف جرائم الاحتلال وملاحقة مرتكبيها، حتى لا تبقى الزنازين معزولة عن ضمير الإنسانية.

2- ضرورة إطلاق حملات إسناد مستمرة في كافة المحافل الجامعات، والمدارس، والساحات العامة، وأمام مقرات المؤسسات الدولية لإبقاء قضية الأسرى في الواجهة العالمية.

3- دعوة المجتمع الدولي واللجنة الدولية للصليب الأحمر لتحمل مسؤولياتهم، وخاصة في الكشف عن مصير 85 مفقوداً من غزة، يُرجح اعتقالهم بعد 7 أكتوبر، ووقف سياسة الإخفاء القسري.

4- التحرك في مجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية لتوثيق جرائم الاحتلال بحق الأسرى، واعتبار ما يجري جرائم حرب تستوجب المحاسبة.

5- مطالبة الأمم المتحدة بإرسال لجنة تقصي حقائق إلى سجون الاحتلال، والتحقيق في ظروف اعتقال الأطفال والأسيرات والمرضى.

6- توسيع حملات المقاطعة والعقوبات ضد الاحتلال، خاصة الشركات المتورطة في دعم منظومة السجون.

7- تنظيم وقفات واعتصامات دائمة أمام مقرات الصليب الأحمر وسفارات الاحتلال في مختلف العواصم.

8- تحويل يوم الأسير إلى أسبوع عالمي لنصرة الأسرى في كل بقاع الأرض.

يا أحرار العالم،،،

إن أسرانا ليسوا أرقاماً أو إحصائيات، بل هم صوت المقاومة، وهم الصوت الذي يعبر عن كرامة أمتنا، وهم ملح أرضنا فلسطين من نهرها إلى بحرها. وهم من ضحوا بحريتهم من أجل أن تبقى فلسطين حية، ولم يُغيّبهم السجن، بل قوّتهم العزيمة والإيمان. إنهم رموز للثبات، وللأمل، والمقاومة. وهم من تحدوا الجدران والقضبان، وتحملوا آلام العزل والتعذيب، ليظلوا صامدين في وجه محاولات العدو كسر إرادتهم. وهم نبض فلسطين التي تقاوم الاحتلال بكل الوسائل، من خلف الأسلاك الشائكة.
فلنكن جميعاً أوفياء لآلامهم التي لا تهدأ، لأحلامهم التي لم تتحقق بعد، لبطولاتهم التي لم تُروَ كما تستحق. فلنرفع أصواتنا في كل مكان، في كافة المحافل، ونُسمع العالم أن أسرانا هم رمز الكرامة، ولن نتوقف عن النضال حتى نحقق لهم الحرية.

معًا، من أجل أسرانا، من أجل فلسطين: الحرية لأسرانا، والحرية لفلسطين.

Shares:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *