أصدر نادي فلسطين العربي بياناً حول تقرير للتلفزيون النمساوي يحاول فيه تشويه الحقائق في خضم ما يُحدث من إبادة جماعية في فلسطين، بالإضافة إلى توجيه نقد لطريقة تفاعل “الجالية الفلسطينية” مع ذلك التقرير واستضافته مُعديه في مقرها. وفيما يلي نصّ البيان:

الفهلوة السياسية والفذلكة اللغوية بين إدانة المقاومة والاعتراف بالكيان الصهيوني: حول لقاء التلفزة النمساوية في 8 أيار مع “الجالية الفلسطينية في النمسا”

طالعنا يوم 8 مايو 2025 تقرير للتلفزة النمساوية ORF  بعنوان “الإسلام أمام كراهية اليهود، ماذا تفعل حرب الشرق الأوسط بالنمسا؟”، عن أثر حرب غزة في تصاعد التوتر بين الأوساط اليهودية والعربية في فيينا منذ بدء حرب غزة، ونمو المشاعر المعادية لليهود ولإسرائيل في فيينا وحالة الخوف التي يدعون أنهم يعيشونها هنا،  وقدم لقاءات مع ناشطين “من الطرفين”، يهود وفلسطينيين.

لا يخرج التقرير عن خطاب الإعلام الرسمي في إدانة أعمال الفلسطينيين وانتقاء الكلمات بحذر شديد في ما يتعلق بجرائم إسرائيل، ولا يقدم في شقه المتعلق بيهود أو صهاينة فيينا جديداً في مواقف من يقابلهم التي تدعم العدوان الصهيوني بلا شروط، ويسمح لهؤلاء بمقولات تبرر قتل أطفال غزة الذين “رضعوا كره إسرائيل مع حليب أمهاتهم”، ونشاطات المنظمات اليهودية الصهيونية في دعم اسرائيل أو “مناهضة اللاسامية”، أما الجديد هذه المرة فكان زيارة الفريق الإعلامي مقر الجالية الفلسطينية “بناء على طلبها” وحضوره في تظاهرة فلسطينية في وسط البلد في مارس من هذا العام.

يقدم التقرير جالية فسطينية تشعر أنّ صوتها غير مسموع في البلد، دعت فريق التلفزة النمساوي لزيارة مقرها في احتفالها بعيد الفطر، تظهر البعد الإنساني لدى الفلسطينيين الذين فقدوا أحباءهم في غزة، يحتفلون بالعيد، ويفرد مساحة كبيرة لطفل فلسطيني في الثالثة عشرة من العمر، يتحدث عن فقده لأقارب هناك، لينتقل إلى الحديث في السياسة، مؤكداً أن الطرفين مذنبان في هذا التصعيد، ومشيراً إلى أن رد إسرائيل “مبالغ فيه”، وأن حماس ما كان عليها أن تفعل ما فعلته، بينما تتجول الكاميرا بين وجوه الكبار وبعضهم من قيادات الجالية الفلسطينية، ما يعطي الانطباع بأنهم قد أرسلوا الفتى ليقول ما لا يقال، ويندى له جبين الكبار.

يتطرق التقرير بوضوح إلى رفض فلسطينيين “حق إسرائيل بالوجود”، ويقدم أمثلة له في مقابلات مع ناشطين معروفين في الوسط في تظاهرة في مارس عبروا فيها رفضهم للكيان على أرض فلسطين. في التظاهرة نفسها تشير الصحفية هنا إلى أنّ أحدهم سحبها جانبا ليؤكد لها أن هذه الأقوال هي مواقف فردية لا تعبر عن موقف الفلسطينيين. ثم تتوجه إلى رئيس الجالية الفلسطينية، د. عبد العزيز طه، الذي تشير إلى أنها كانت على تواصل دائم معه طيلة مدة إعداد التقرير (!) بسؤال مباشر حول موقف الجالية من هؤلاء الذين يرفضون حق اسرائيل بالوجود، ليؤكد بأن “معظم الفلسطينيين الذين يعيشون في النمسا لا يشككون بوجود إسرائيل”، وأنه “لا يحاول تبرير ذلك” ولكن يشير إلى جلسات العزاء المتكررة في مقر الجالية لعائلات فقدت الكثير من أفرادها، وأنهم لا يستطيعون أن يطلبوا من الناس أن يكونوا على الحياد.

أمام هذه السابقة في تاريخ جسم تمثيلي هو الجالية الفلسطينية في النمسا، وفي خطاب الحراك الفلسطيني والمتضامن في هذا البلد، لا يسعنا إلا التوجه إلى الرأي العام الفلسطيني والعربي، لعرض الحقائق، والتذكير بالثوابت الوطنية، مؤكدين ما يلي:

أولاً: إنا نستغرب أصلاً دعوة فريق الـ ORF إلى مقر الجالية، فهذا الجهاز أثبت دوماً انحيازه التام لإسرائيل والتزامه بسرديتها وخطابها، ولم يقدم من الجانب الفلسطيني إلا من اجتزئت أقواله لتخدم الدعاية الصهيونية، أو كان مستعدا لإدانة المقاومة الفلسطينية والظهور بمظهر فلسطيني معتدل يقدم الطرح الإنساني، أي أنّ ما يطلبه هو إما الانبطاح، أو عواطف في مقابل “العقل” المتمثل بطرح سياسي واضح وخطاب صلب يقدمه الجانب الصهيوني. وقد رأينا هذه نماذج من هذه اللقاءات المتلفزة منذ بداية حرب غزة (وإن كان معظم من شارك فيها قادم من نفس العائلة المقيمة هنا)، كما شاهدنا أيضا نماذج مشرفة لمن رفض أن يساوي بين الفعل الفلسطيني والصهيوني، فقاطعه الإعلام الرسمي تماما.

ثانياً: من المخجل والمعيب الاختباء وراء الأطفال، والسماح للإعلام المصهين بعقد لقاءات معهم يتحدثون فيها عن مواضيع سياسية كبرى، مثل المساواة بين العنف الفلسطيني والإسرائيلي، بينما يظهر في خلفية الصورة كبار الجالية الفلسطينية يأكلون ويضحكون في العيد. إن واجبنا الأول هو حماية الطفل من الاستغلال الإعلامي والتوظيف في تسويق توجهات ومواقف لا يجرؤ على المجاهرة بها بعض الكبار.

ثالثاً: نقف مع الناشطين العرب الشجعان الذين رفضوا الاعتراف بالكيان الصهيوني على أرض فلسطين، ونؤكد أن هذا هو موقفنا، موقف أغلبية الفلسطينيين والعرب، المعبر عن تطلعات الأمة العربية بالتحرر وإزالة آثار الاستعمار، ونحذر من التذاكي والحذلقة التي يمارسها البعض في التساوق مع من يعمل على إدانة من يرفض الاعتراف بدولة العدو، تمهيدا لعزله سياسيا ثم محاولة تجريمه، ونشير إلى أن لا بند في القانون النمساوي يجبرنا على الاعتراف بأية دولة.

رابعاً: ندين بشدة تصريحات من يفترض أنه ممثل الجالية الفلسطينية في النمسا، التي تتنصل بوضوح من الموقف الوطني العام وتدعي أنه رأي أقلية من الفلسطينيين، في حين يدعي بأن الأغلبية لا تشكك بإسرائيل. إن خطورة هذه الأقوال تنبع من موقع جمعية الجالية الفلسطينية التمثيلي في البلد، وهو أمر واقع مهما اختلفنا على تمثيلها للفلسطينيين أوطريقة انتخاب رؤسائها.

 إننا نطالب هيئة جمعية الجالية الفلسطينية الإدارية بموقف واضح ومعلن من تصريحات رئيسها، وننادي بعقد لقاء وطني فلسطيني لوضع ضوابط للخطاب والعمل السياسي العام، وترتيب أوضاع عموم الجالية الفلسطينية تمهيدا لانتخاب من يمثلون فعلا المجتمع الفلسطيني في النمسا.

المصدر: نادي فلسطين العربي

فيينا، 15 أيار 2025

Shares:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *