بروكسل – 15 يونيو 2025
شهدت عدة مدن أوروبية، اليوم الأحد، مشهدًا غير مسبوقًا من التضامن الشعبي مع القضية الفلسطينية، مع خروج أكثر من 500 ألف شخص في تظاهرات حاشدة تحت عنوان “الخط الأحمر”. وبلغ عدد المشاركين، وفق تقديرات المنظمين، نحو 120 ألفًا في بروكسل، و150 ألفًا في فرنسا، و150 ألفًا في هولندا، في أكبر موجة احتجاج تضامنية مع فلسطين تشهدها هذه الساحات منذ عقود.

وجاءت تسمية الفعالية بـ”الخط الأحمر” لتجسيد لحظة فارقة، يُعبَّر فيها عن الغضب الشعبي من تجاوز الاحتلال الإسرائيلي لكل الأعراف والقوانين، وارتكابه جرائم ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية في قطاع غزة، دون أي رادع أو مساءلة. وقال منظمو الفعالية إن الخط الأحمر لم يعد سياسيًا ولا قانونيًا، بل تحوّل إلى حدود أخلاقية وضعتها الشعوب حين صمتت الأنظمة، وتخلّت المؤسسات الدولية عن دورها.
وقد اختير اللون الأحمر ليكون الشعار البصري المركزي للمسيرات، حيث ارتدى معظم المشاركين ملابس حمراء، كرمز للدماء الفلسطينية المسفوكة ظلماً، وللخطر الذي تجاوزته آلة الحرب الإسرائيلية، معلنين أن ما يحدث لم يعد يُحتمل، وأن المجازر لم تعد مجرد “أخبار”، بل مأساة إنسانية تُستصرخ ضمائر العالم.

وتهدف هذه الخطوة، بحسب المنظمين، إلى ما هو أبعد من التنديد؛ فهي صرخة شعبية تطالب بإجراءات فعلية، تبدأ بمحاسبة إسرائيل على جرائم الحرب، وتمر عبر فرض عقوبات دولية رادعة، ولا تنتهي إلا بمراجعة السياسات الأوروبية الداعمة للاحتلال سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا.
ورُفعت في التظاهرات لافتات تطالب بوقف العدوان، ووقف تصدير السلاح، وفضح التواطؤ السياسي، كما صدحت الهتافات بإدانة الصمت الدولي، وبالدعوة إلى كسر الحصار عن غزة، وإنهاء الاحتلال بكل أشكاله.
وأكد المشاركون أن هذه التظاهرات ليست مجرد لحظة غضب عاطفي، بل جزء من حركة دولية تتنامى يومًا بعد يوم، وتعيد رسم خريطة المواقف الشعبية في مواجهة الظلم. وأشاروا إلى أن التعتيم الإعلامي لم يفلح في حجب الحقيقة، وأن الشارع الأوروبي، رغم كل الضغوط، ما زال قادرًا على الانتفاض لكرامة الإنسان وحقوق الشعوب.
واختُتمت التظاهرات بنداءات واضحة إلى حكومات الدول الأوروبية، تطالبها بالكف عن ازدواجية المعايير، وتحمّل مسؤولياتها تجاه القانون الدولي، والضغط الفعلي من أجل وقف المجازر، بدل الاكتفاء بالتصريحات “المتحفظة”.
“الخط الأحمر” لم يكن مجرد شعار، بل كان تحولاً في وعي الشارع الأوروبي، وحدثًا يؤشر إلى أن زمن الصمت الشعبي قد ولّى، وأن الشعوب باتت من ترسم حدود الإنسانية حين تغيب السياسة عن القيام بدرها