بروكسل – جمهورية فلسطين
أعلنت الأكاديمية مروة ناجي، من جامعة غنت البلجيكية وعضو مجلس إدارة جمعية حنظلة، انسحابها الرسمي من المشاركة في المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا، الذي تستضيفه جامعة محمد الخامس في العاصمة المغربية الرباط، احتجاجًا على مشاركة وفود من جامعات إسرائيلية في أعمال المنتدى.
وأكدت ناجي في تصريح خاص لموقع جمهورية فلسطين أن قرارها جاء رغم قبول ورقتها البحثية، موضحة أن “المشاركة في مؤتمر تُفتح فيه المنصة لأكاديميين يمثلون كيانًا استعماريًا متورطًا في الإبادة الجماعية هو خيانة أخلاقية وعلمية”. وشددت على أن “تبييض جرائم الاحتلال عبر الأكاديمية محاولة مرفوضة لصهينة المعرفة وتحويل الفضاء الأكاديمي إلى ساحة تطبيع مع قاتل الأطفال”.
وقالت ناجي إن قرار الانسحاب جاء بتنسيق مع مجموعة من الباحثين الأوروبيين الذين عبّروا بدورهم عن رفضهم المشاركة في مؤتمر “يسعى إلى تقديم إسرائيل كجزء طبيعي من المنطقة، ويقوّض نضال الشعب الفلسطيني من أجل العدالة والتحرر”.
وفي السياق ذاته، أعلن الدكتور عصام الرجواني، أستاذ علم الاجتماع بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، انسحابه التام من المنتدى، داعيًا زملاءه المغاربة والدوليين إلى مقاطعته رفضًا للتطبيع الأكاديمي. وقال الرجواني في بيان اطلع عليه موقع جمهورية فلسطين إن “السوسيولوجيا التي نؤمن بها لا يمكن إلا أن تنحاز لحقوق الشعب الفلسطيني ضد الإبادة”، معتبرًا أن المشاركة في المنتدى إلى جانب ممثلي الجامعات الإسرائيلية “وصمة عار”.
كما أعلن 232 باحثة وباحثًا في العلوم الاجتماعية من المغرب والعالم مقاطعتهم للمنتدى، رفضًا لمشاركة مؤسسات صهيونية، ورفضًا لمحاولات تبرير السرديات الاستعمارية داخل فضاء أكاديمي يُفترض أن ينحاز إلى العدالة، وليس إلى الاحتلال ومؤسساته المتورطة في جرائم حرب.
وجاءت هذه المواقف على خلفية مشاركة أكثر من 30 أكاديميًا إسرائيليًا يمثلون جامعات مصنّفة ضمن المؤسسات المتورطة في دعم الاحتلال الإسرائيلي، بينها الجامعة العبرية بالقدس وجامعة تل أبيب وبن غوريون.
وفي تطور لافت، أعلنت جامعة محمد الخامس ظهر اليوم في بيان رسمي تراجُعها عن أي شراكة مع المؤسسات الإسرائيلية، مؤكدة أنه “لن تكون هناك أي مشاركة إسرائيلية في فعاليات المؤتمر”، وذلك بعد تصاعد حملة المقاطعة التي أطلقها باحثون وأكاديميون مغاربة وأوروبيون، وتوسع موجة الانسحابات والاحتجاجات الدولية.
وكانت الحملة المغربية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (BDS المغرب) قد أصدرت في 26 يونيو الجاري نداءً مفتوحًا دعت فيه إلى مقاطعة المنتدى بالكامل، معتبرة أن مشاركة أكاديميين إسرائيليين “تُخالف معايير المقاطعة الأكاديمية وتساهم في تبييض الاحتلال وتطبيع العلاقات مع منظومة استعمارية استيطانية”. وأشارت الحملة إلى أن الجمعية الدولية لعلم الاجتماع تجاهلت دعوات المقاطعة وفتحت المجال لممثلي مؤسسات إسرائيلية متورطة في جرائم حرب ضد الفلسطينيين، من بينهم مستوطنون من جامعات الاحتلال، معتبرة أن هذا السلوك “خرق واضح لمعايير العدالة” ومحاولة لفرض خطاب يساوي بين الجلاد والضحية.
وأكدت الحملة أن مشاركة إسرائيل في المنتدى تمثّل “اختراقًا خطيرًا” للفضاء الأكاديمي، ودعت إلى تبنّي سياسات واضحة لقطع العلاقات مع الجامعات الإسرائيلية، مشيرة إلى أن أكثر من 600 يوم من الإبادة المستمرة في غزة يجعل من غير المقبول إفساح المجال لأصوات الاحتلال في منصة أكاديمية دولية. د
وفي تعقيب خاص لموقع جمهورية فلسطين، ثمّنت جمعية حنظلة ببلجيكا هذه الخطوة، مشيدة بموقف الأكاديمية مروة ناجي وجميع الباحثين الذين قاطعوا المنتدى، واعتبرته “مثالًا على التزام حقيقي بالقيم الإنسانية والعدالة”.
وقالت الجمعية في بيانها: “إننا نعبّر عن تقديرنا العالي للرفيقة مروة ناجي ولكل الأكاديميين والباحثين الذين اتخذوا هذا الموقف المبدئي الواضح. إن المقاطعة الأكاديمية والثقافية هي الطريقة الأنجع والفعّالة لمحاربة المؤسسات والجامعات التي تتواطأ مع الاحتلال الإسرائيلي وتشارك في التغطية على جرائمه”.
وأضاف البيان: “نؤكد أن محاولات صهينة المعرفة وتطبيع العلاقة مع منظومة استعمارية استيطانية ستواجه دائمًا بالرفض والمقاطعة. وندعو جميع المؤسسات الأكاديمية والهيئات البحثية في أوروبا والعالم العربي إلى تبني سياسات واضحة لقطع التعاون مع الجامعات الإسرائيلية”.
يشار إلى أن المنتدى العالمي للسوسيولوجيا يُعتبر من أبرز الفعاليات الأكاديمية الدولية في مجال العلوم الاجتماعية، وكان من المقرر أن يضم آلاف الباحثين من نحو 100 دولة تحت شعار “معرفة العدالة في عصر الأنثروبوسين”، قبل أن تثير مشاركة الوفد الإسرائيلي موجة واسعة من الغضب والاستنكار انتهت بانسحابات جماعية وإعلان الجامعة المضيفة إلغاء هذه المشاركة.