بقلم: ج. باررازا

بعد ثلاثة أيام من المناقشات المكثفة، اختتم المؤتمر رفيع المستوى بشأن حل الدولتين أعماله يوم الأربعاء 30 يوليو في مقر الأمم المتحدة في نيويورك باعتماد وثيقة تؤكد على الحاجة الملحة إلى تنفيذ حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.

النص النهائي للمؤتمر، الذي أيدته أغلبية ساحقة من الدول الأعضاء، يطالب إسرائيل بالالتزام بشكل ملموس بإنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة ومستقلة ومتصلة جغرافيًا. ولا يقتصر البيان على إعادة تأكيد الدعم للقرارات السابقة لمجلس الأمن، بل يقدم أيضا خطوات فورية لوقف التصعيد الحالي للعنف.

كإجراء أولي، تدعو الوثيقة إلى وقف فوري للأعمال العدائية بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، حيث لقي أكثر من 60 ألف فلسطيني – معظمهم من النساء والأطفال – مصرعهم منذ بدء الهجوم الإسرائيلي في أكتوبر 2023. وفي هذا الإطار، يُقترح تشكيل لجنة إدارية انتقالية على وجه السرعة، تحت إشراف السلطة الوطنية الفلسطينية وبدعم من المجتمع الدولي، كوسيلة لاستعادة النظام المدني وتمهيد الطريق نحو حكم موحد.

”إنهاء الحرب في غزة يجب أن يعني انسحاب حماس من السيطرة الإدارية والعسكرية على القطاع، وتسليم أسلحتها وإطلاق سراح جميع الرهائن الموجودين في حوزتها“، كما جاء في النص. ويرافق هذا المطلب، الذي يهدف إلى نزع السلاح من المنطقة وتخفيف التوترات، اقتراح بإرسال بعثة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار، بتفويض من مجلس الأمن الدولي، بهدف ضمان حماية السكان المدنيين وتسهيل عملية الانتقال.

أحد النقاط المركزية في الوثيقة هو رفض تجزئة الأراضي في الدولة الفلسطينية المستقبلية. وفي هذا الصدد، يؤكد الإعلان أن غزة يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، موحدة سياسيًا وإداريًا مع الضفة الغربية، ويضيف بحزم: ”لا احتلال أو حصار أو تقليص للأراضي ولا تهجير قسري“.

وقد لقيت هذه الوثيقة ترحيباً حاراً من دول الجنوب العالمي والمنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني الفلسطينية، لكنها قوبلت بانتقادات من ممثلي الحكومة الإسرائيلية التي تعتبر أن الإعلان ”يتجاهل التهديدات التي تواجه أمن إسرائيل“. كما قاطعت الولايات المتحدة، حليفتها المقربة، المؤتمر ووصفت الاجتماع بأنه ”غير منتج وسيئ التوقيت“. ومع ذلك، أصرت عدة قوى أوروبية وأمريكية لاتينية على أن ضمان حقوق الشعب الفلسطيني لا يتعارض مع الأمن الإقليمي، بل هو شرط أساسي لتحقيقه.

من خلال هذا المؤتمر، يسعى المجتمع الدولي إلى إحياء أجندة السلام المتعثرة منذ أكثر من عقد من الزمن، في مقابل أحد أطول الصراعات وأكثرها تدميراً في العالم المعاصر. وعلى الرغم من أن الإعلان غير ملزم، إلا أنه يمثل توافقاً دبلوماسياً جديداً يمكن أن يشكل نقطة تحول، إذا ما تُرجم إلى إجراءات ملموسة في الأشهر المقبلة.

Shares:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *