المثال الإيطالي مهم دراسته وفهمه ، وحضور النقابات الإيطالية وحضور أحزاب اليسار بإيطاليا له علاقة ايضا في المعركة الداخلية في إيطاليا لمواجهة حكومة يمينية متطرفة.
حيث يحكم في إيطاليا منذ أكتوبر 2022 حكومة يمينية متطرفة برئاسة جورجيا موليني وهي السياسية التي تمجد بفترة حكم موسيليني لإيطاليا في النصف الاول من القرن الماضي، وسوف تشهد إيطاليا انتخابات مقررة في العام القادم قبل نهاية 2026 ،وموقف الحكومة الإيطالية اليمينية السيء والمتواطئ مع حكومة الابادة في الكيان الصهيوني، يتم الرفض له بقوة شعبيا وتشارك فيه النقابات اليسارية وكذلك أحزاب اليسار بقوة وهذا في مسار التصدي للمواقف اليمينية المرفوضة خارجيا وكذلك داخليا ولو أن هذا البعد الداخلي لا يظهر على السطح بقوة لكنه كامن في في استراتيجيات الأطراف الخاصرة في شوارع المدن الإيطالية.
نعم فلسطين والموقف مما يجري فيها من حرب ابادة في ظل عجز كامل للمؤسسات الدولية وكذلك عجز الدول على إجبار الكيان الصهيونى على وقف حرب ابادته ، مواقف الدول الغربية في غالبيتها مثل إيطاليا والمانيا حيث يتم تزويد الكيان بما يقرب من ثلاثين بالمئة من وارداته من الأسلحة، هذه المواقف تلعب دورا حاسما بالسماح للكيان بسياساته تجاه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة كما في الضفة الغربية ، إذا تدخل فلسطين في مسار الانتخابات في اكثر من دولة أوروبية وربما تسقط إئتلافات حكومة يمينية بسبب مواقفها المتواطئة، في ايطاليا إسقاط الحكومة الحالية في الانتخابات القادمة أصبح ممكنا وهكذا يكون الموقف من فلسطين وما يجري فيها رافعة لصعود حكومات يسارية أو من يسار الوسط في العديد من الدول الأوروبية وهذا ما اعتقد أن الساحة الأوروبية ستشهده في عام 2026 .
إذا الموقف من فلسطين أصبح عامل تعبئة وحشد جماهيري واسع سيعبر عن نفسه لاحقا .
تقديراتي أن ما يحدث في إيطاليا سينسحب على التأثير الانتخابي في السنوات القادمة في دول مثل فرنسا وألمانيا وبلجيكا واليونان وهولندا وغيرهم كذلك وقد تجد الشعوب الاوروبية نفسها أمام سونامي يسقط حكومات يمينية محافظة وعودة اليسار واليسار الوسط للمشهد .
أمام هكذا سيناريو ، مالمطلوب منا كنشطاء في الساحة الأوروبية ، أعتقد أن لنا الفرصة للمساهمة عبر تشبيك اقوى مع الأوساط الأوروبية التضامنية والتي تلعب دور مركزي في الحراك الشعبي الواسع تضامنا مع غزة ، لرفع سقف مطالب هذا الحراك عبر ادخال شعارات وسياسات تؤدي لمزيد من العزلة الدولية للكيان الصهيونى ، عدم التعاون والتعاطي معه في العديد من المجالات ، المجال السياسي عبر الغاء اتفاق الشراكة بين الاتحاد الاوروبي والكيان الصهيونى، عدم مشاركته في فعاليات ثقافية ورياضية وعدم تصدير أسلحة له أو السماح بمرور الأسلحة القادمة من دول غير أوروبية والمتجهة له.
الكثير من العناوين التي تدفع بعزل الكيان الصهيونى ليتحول لكيان منبوذ عالميا حاله حال ما جرى مع كيان افريقيا الجنوبية خلال معركة التصدي لسياساته العنصرية والتمييز العنصري بحق الغالبية الكبيرة من شعب جنوب افريقيا ، وهنا لابد من التذكير أن عزل نظام الأبارتايد في جنوب أفريقيا كان للعامل الدولي الرسمي والشعبي دورا رئيسيا في التعجيل في التغيير الذي حصل هناك مع سقوط ذلك النظام والذي تم التعبير عنه بخروج نلسون مانديلا من السجن وتربعه على قمة عرش السلطة من خلال انتخابه رئيس لجمهورية أفريقيا الجنوبية.
أدعو للتفكير العميق بسيناريو جنوب أفريقيا والتعاطي معه كمثال لنا جميعا في معركتنا بوجه الكيان الصهيونى في الساحة الدولية..
حمدان الضميري / بلجيكا
عضو مجلس إدارة جمعية حنظلة
ناشط سياسي فلسطيني ببلجيكا
منسق الجالية الفلسطينية في بلجيكا ولوكسبروغ