-وطن العبد

كيف غيّر أول عمدة مسلم لنيويورك قواعد اللعبة السياسية وأشعل شرارة الاشتراكية الشعبية؟

يمثل فوز زهران ممداني بمنصب عمدة مدينة نيويورك لحظة مفصلية في السياسة الحضرية الأمريكية، ليس فقط بسبب خلفيته كأول مسلم وأول أمريكي من أصل جنوب آسيوي يتولى هذا المنصب، بل لما يعكسه من تحولات أعمق في المزاج الشعبي تجاه السياسات التقدمية والتمثيل السياسي. فحسب حزب الاشتراكية والتحرير (PSL) “اختراقًا سياسيًا كبيرًا” في قلب الرأسمالية الأمريكية.

حملة رقمية شعبية قلبت الموازين

بدأ ممداني كمرشح غير معروف، لكنه سرعان ما تحول إلى ظاهرة سياسية بفضل استخدامه الذكي لوسائل التواصل الاجتماعي. كما ورد في مقال نُشر بداية الشهر الماضي في نيويورك تايمز:

“لقد قدمت مقاطع الفيديو التي يمكن للجميع أن يتفاعل معها رؤيةً مفعمة بالأمل والمودة لمدينة نيويورك، تقوم بثبات على فكرة أن الحياة لا يجب أن تكون صعبة كما أصبحت.”

من مقاطع فيديو ساخرة عن الإيجارات المرتفعة إلى صور زفافه في مترو الأنفاق، استطاع أن يقدم صورة إنسانية ومتفائلة لنيويورك، ويجذب آلاف الناخبين الشباب والمهاجرين لأول مرة إلى صناديق الاقتراع.

خلفية متعددة الثقافات ومسيرة نضالية

ولد ممداني في كمبالا، أوغندا، وانتقل إلى نيويورك في سن السابعة. نشأ في بيئة أكاديمية وفنية، ودرس في مدرسة العلوم الثانوية في برونكس، ثم حصل على شهادة في الدراسات الإفريقية من كلية بودوين، حيث أسس أول فرع لحركة “العدالة لفلسطين” SJP. قبل دخوله السياسة، عمل كمستشار اجتماعي ومنظم مجتمعي، وانتُخب في 2020 لتمثيل الدائرة 36 في الجمعية التشريعية للولاية.

قدم ممداني برنامج تقدمي جريء حيث ركزت حملته على تحسين جودة الحياة في المدينة، متعهدًا بتجميد الإيجارات، توفير رعاية أطفال شاملة، إنشاء متاجر غذائية مملوكة للمدينة، وتقديم وسائل نقل مجانية. كما دعا إلى رفع الحد الأدنى للأجور إلى 30 دولارًا في الساعة وزيادة الضرائب على الأثرياء والشركات الكبرى.

واجه ممداني منافسة شرسة من الحاكم السابق أندرو كومو، الذي ترشح كمستقل بدعم من أصحاب رؤوس الأموال. كما تعرض لحملة انتخابية مشحونة بالإسلاموفوبيا والعنصرية، لكنه رد بحملة متعددة اللغات شملت الأردية والهندية والإسبانية، واستطاع بناء تحالف واسع من الناخبين من مختلف الخلفيات.

الاشتراكية لم تعد هامشية

في بيان نشره حزب الاشتراكية والتحرير، اعتُبر فوز ممداني “لحظة فارقة لحركة الاشتراكية”، مؤكدًا أن الاشتراكية لم تعد تيارًا هامشيًا بل أصبحت قوة شعبية متنامية وطريق للمضي قُدما.

كما حذر البيان من محاولات المؤسسة السياسية لتحويل ممداني إلى “فشل مُدار”، داعيًا إلى بناء حركة جماهيرية خارج قاعات البلدية لدعم أي تغيير حقيقي.

“نحن بحاجة إلى حركة شعبية خارج مبنى البلدية لكي يحدث أي شيء إيجابي من الداخل.”

كما عبّر البيان عن قلقه ايضا من بعض قرارات ممداني، مثل الإبقاء على مفوضة شرطة نيويورك جيسيكا تيش، داعيًا إلى استمرار الضغط الشعبي لضمان تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها.

تأثير وطني محتمل

فوز ممداني يمثل تحديًا للتيار الوسطي داخل الحزب الديمقراطي، ويعكس رغبة شعبية في التغيير الجذري. في ظل تهديدات من الرئيس ترامب بنشر الحرس الوطني وقطع التمويل الفيدرالي، تكتسب فترة ممداني المقبلة أهمية وطنية كبرى، وقد تكون نموذجًا لحركات تقدمية في مدن أخرى.

“الآن مامداني، الذي نشأ في ظل أحداث 11 سبتمبر، سيمهد الطريق كأول مسلم وأول جنوب آسيوي يُنتخب لمنصب العمدة، في ما يُعتبر على الأرجح ثاني أصعب وظيفة في البلاد.”

Shares:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *