في خبر نُشر على موقع الجزيرة نت يوم الخميس بتاريخ 27/11/2025، وردت عبارة تشير إلى “القطاع الفلسطيني”، في سياق الحديث عن المرحلة الثانية من اتفاق يرتبط بنشر قوة دولية في غزة. قد يبدو التعبير للوهلة الأولى مجرد زلّة لغوية عابرة، لكنّه يفتح باباً واسعاً للتساؤل: هل هو خطأ مطبعي ، أم انعكاس غير مقصود — وربما مقصود — لخطاب إعلامي آخذ في التطبيع مع مفردات الاحتلال؟

: الجزيرة نت

مصدر الصورة والخبر: الجزيرة نت

فالحديث عن “القطاع الفلسطيني” يوحي ضمناً بوجود “قطاع آخر غير فلسطيني”، كما لو أن غزة لم تعد جزءاً أصيلاً من الجغرافيا الفلسطينية، بل كياناً منفصلاً يخضع لتوصيف إداري دولي، لا وطني. هذه اللغة تسهم في إعادة صياغة الوعي، وتُرسّخ رواية الاحتلال التي طالما سعت إلى تجزئة الأرض والهوية. ويأتي هذا في ظل معلومات حقيقية تُفيد بنيّة تقسيم قطاع غزة إلى قطاعين.

منذ سنوات، ساهمت الجزيرة، في تمرير روايات الاحتلال عبر شاشتها، من خلال مساحة تمنحها لمسؤولين سياسيين وعسكريين صهاينة لتبرير جرائمهم تحت ذريعة “الرأي والرأي الآخر”. وفي الوقت نفسه، انساق الخط التحريري للقناة القطرية — مثل كثير من المنصات العربية — نحو توصيف الجرائم في غزة بأنها “خروقات لاتفاق وقف إطلاق النار”، لا إبادة مستمرة وممنهجة تمتد من غزة إلى الضفة الغربية وجنوب لبنان.

هذا التحوّل في اللغة ليس بريئاً، بل يعكس خطاً تطبيعياً تسير فيه الدوحة وغيرها من العواصم العربية، حيث يُعاد تعريف الواقع ليصبح نزاعاً على هدنة لا على وجود. وهكذا، يتبدّل موقع الجريمة إلى “خلافٍ سياسي”، ويتحوّل الاحتلال إلى طرف طبيعي في مشهد إقليمي متشابك.

النتيجة أن الإعلام العربي الرسمي بات يتعامل باستخفاف ولا مسؤولية مع التطورات السياسية، متناسياً أن ما يحدث في غزة ليس إبادة مستمرة لشعب بأكمله. ومع نُدرة الأصوات الجريئة القادرة على تسمية الأشياء بأسمائها والوقوف لجنب الحقيقة والشعب، يترسّخ الخطاب الذي يجعل من الاحتلال كياناً طبيعياً، ومن الضحية مادةً إخبارية باهتة تُختزل في بيانات وعبارات تتلاعب بالحقائق.

موقع جمهورية فلسطين

مصدر صورة غلاف المقال

Shares:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *